أصداء وأبعاد
كم كنت أبكي غربتي وبعادي = فأتيت أبكي الحال من أرفاد
وأتيت أحمل من هموم جمة = لما نظرت فلم أجد عُوّادي
كل تفرّق هل صحيح ما أرى = أن الليالي قد نكرن معادي
فغدوت أسأل أين ؟ كيف ؟وما جرى؟ = وأنا الذي أهديتها إنشادي
لم أنكر الفضل العظيم ولم تزل = ذكراك يا وطني تقض رقادي
لم أنس من عيش مضى بجوار من = كانوا الوداد ,نسائم الإسعاد
أيام كان لنا الإباء وعزه = وحماستي وشهامة الأجداد
وطني ولو أن المَواطن تشترى = وتباع كنت هديتي ومزادي
لا أتقي فيك العذول معاتبي = ومضيت يروي للتراب فؤادي
ما أرخص الموت الزؤام إذا بدا = حينا يكشـر أو يشـد زنادي
سيان عندي في هواك خريدة = أو تمتمات الحُرِّ يوم تنادِ
أيعيش مثلي في ربوعك نادبا = حظا وظلْتُ أنا فتاك الشادي
من كان مثلي في وفاء عهوده = أو كان مثلي حاكيا لبلادي
ألبسته عقدا فريدا غاليا = في كل أوزان جعلت مدادي
ورويت حبك مبصرين ومن وعى = حرفا وأدرك صادق الإنشاد
حاشاي ما عشت النفاق تزلفا = أجني مكاسب في ضلال مراد
بل كنت حرَّ الرأي غير مساوم = حينا أرى للنار تحت رماد
آليت أن أحيا أبي مرامه = مهما يلاقي الحرُّ عيش قتاد
هل تُرجع الأحلام عندك ماضيا = أو تستبيح قداسة الرواد
مالي أراك ولا أراك كما أنا = أهوى فتحمي صادق الأكباد
هم أودعوك ولاءهم فغضضت من = طرف تردُّ ولاءهم بعناد
أين الوفاء وأين ما عوّدتنا= من أرفع الغايات والأمجاد
فمتى لنكران الجميل عرفته = ومتى بقلبك كان من أحقاد؟
أنسيت من غنوا بحبك وامتطوا = يتخاطفون العز ظهر جواد
يتنافسون وهل لغيرك ناصروا = فلم الجفاء وقسوة الأنداد
ماذا أقول فهل أنا إلا أنا = مهما يبالغ حاقد ويعادي
ولقد ورثت من اسماعيل مبادئي= فسموت فوق ضغائن الحساد
وعجبت كيف بنوك يقتل بعضهم = بعضا فأين تلاحم الأفراد
في كل موقف ليس منا خاذل = هيهات ما النيلين ماء فساد
غذّى شرايينا لنا بمحبة = وشفا الصدور وردَّ كيد معادِ
ما قد عرفنا للنفاق شريعة = بالحق تسعى ألسن وأيادي
ماذا دهانا لم نكن من أمة = عرفت لتلوين وغدر عوادِ
كان التكافل في عظيم ردائه = يبدو مع الأحزان والأعياد
يحنو الكبير على الصغير مداعبا = يلقى به من عزة ووداد
إن غيّرت منا الحوادث سحنة = شلّت شريف القوم بالأصفاد
لابد من يوم يسابق فارس = ليعيد من فضل لنا وهوادِ
من حكمة ظلت حبيسة حزنها = ظلمت لتاريخ وحلو مبادي
من حكمة نامت بصدر موغل = في غيه ضلّت طريق رشاد
**************
يا موطني ها قد أتيتك راجعا = أرجو رضاك سكبت حُرَّ فؤادي
إن لم أجد عزا لديك يصونني = بعد الذي وفّيته بسداد
فعتاب مثلك يومذاك قصيدة = نالت من الأصداء والأبعاد