![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
التسجيل | المدونات | التعليمـــات | التقويم | البحث | مشاركات اليوم | اجعل كافة الأقسام مقروءة | ||
تويتر أسماء | asma facebook | بوتقة المسك | موقع أسماء | موقع التاج | رفع الصور | مركز التحميل |
يوميات وعادات ركن خاص بتفاصيل يومك فضائك الخاص تقاليد وعادات بلدك وكل جميل تود رسمه هنا |
![]() |
![]() |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
#1 |
مشرفة / شاعرة مغربية
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
![]()
سل الذين وطئوا ثراه، سل ثراه عن الذين حادثوه بأقدام حافية، سل حبة الحصى الصغيرة، كم سرّا خبّأت لنعال صافحتها إثر كل مرور.
المكان لم يعن لي أبدا حدّا جغرافيا، أو حفنة تراب، المكان مقرونا بزمن حي ودفين، فالأمكنة تتداخل فيَ، لتنال قسطا من فيوض قلبي، كما معمّروها...المكان يفقه جيّدا خطوات عابريه...ينصت مليّا إلى ذبذبات الوقع، ويحصي كمّ الأحاسيس المفرغة فيه. لمَ كلّ هذا الارتباط بالمكان والأشخاص يا خديجة؟ كثيرا ما شددت الرّيح من شعرها، لأعيد جدل الضفائر، وترك بعض الخصلات تتدلّى، كعُنقود دالية ناضجة...لست ناضجة بما يكفي، فقد هزمتني دمعة، وأنا أرقب من بعيد طللا لبيتنا الكبير، الذي كان عامرا إلى أن غادرته روح أبي الطيبة...لم يبق منتصبا منه غير كرمة التين، الّتي نفشت شعرها، وعرّت سيقانها صفعات الشّتاء البارد...كل ما كان ملتهبا فيما مضى، صار باردا...منطفئا...خابيا...إلاّ بمقدار ما يبعث من حنين لذكرى، تأبى إلاّ أن تطرّز على قلوب العاشقين لهفة الفائت المتّقد. أوّاه! كيف تعبث يد المتسلّطين بزوايانا؛ التي غرسنا بها فسائل عروقنا الأولى، فتجذرت، وأزهرت، فأينعت... ما قدرت أن أشهد يوم الهدم العظيم، كما فعل أخوايَ، فأنا لا أملك غير قلب هشّ، قد يتفحم لأيّ مشهد قاس...لم تكن كفّ المسؤول حنونا، وهي تلوّح بإشارة بداية، ولم تكن الجرّافة تكمش الحوائط فقط، بل أطبقت على عمر الآجورات المسندة بعضها إلى بعض، فكّّكت عقد السنين العتيقة، وتناثر عقيقها اللامع، فتلونت بلون الطين، المسرّب جهرة من بطن الآجورات... أين الآجورات، التي حملناها بأيدينا الصغيرة الوجلة، ونحن نرصها -بهمّة الصغار- تِباعا أمام البنَّاء، ليقوم الجدار عاليا، كما اتفق؟ أين تلال الرمل، التي نكشناها بكفوفنا الطرية، ونحن نهرّبها خفية من أمي؛ التي تعاقبنا إن وسّخنا ثيابنا، إن علقت حبات الرمل بخصلاتنا...؟ أين بيتنا البسيط الواسع؟ الذي جعلنا عتباته ساحة لعب، وحيطانه الصغيرة مكانا سرّيا لتخفينا، ونحن نلعب الغميضة...أيننا من هذا الطلل، وبكاؤه بلا كلل، أو ملل...؟لمَ لم تحفظ الجرّافة رائحة السنين؟ التي خبّأناها في صدر كل ذرة طين، وسهل عليها قلع الماضي، وردم الحاضر، وفقأ مشاعر معتّقة، كنّا نبصر بها البسيط أنيقا، والبخس ثمينا... صرت كلّما مررت بجواره، أخفّف من سرعة السيّارة، وألقي نظرة خاطفة، كي لا تعلق بقلبي ذكرى قديمة، كي لا أراني صغيرة ترسل ضحكات قديمة، كي لا يزل قلبي إلى وجع. ذاك هو سحر الأمكنة، حين تعبرها خطانا، تظلّ (أنانا) معلّقة بها، يظل عبقنا مُشربا بعتبة أبوابها، بآجور حيطانها، بذبالة شموعها، بخبز فرنها، ببرواز ذكريات لا يمحوها اغتراب، ولا شوق جديد. كيف نسرّب ضحكاتنا الصغيرة، في صناديق كبيرة، وندفنها عميقا، بين الشريان والشريان، نخرجها وقت نشاء، كساحر قبّعة... لدرء وجع، أو نبش ذكرى؟ الموضوع الأصلي: يوميات شوكة صبّار : الشوكة 22 || الكاتب: خديجة عياش || المصدر: مؤسسة صدانا مسجلة في الهيئة الدولية لحماية الايداع الفكري
|
![]() |
![]() |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|