لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين_ المستشار الادبب_ حسين علي الهنداوي

( لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين)
من كتابي الجديد:
(من جوامعِ الكلمِ وروائعِ الحكمِ)
حسين علي الهنداوي
..... . .. ........
عن أبي هريرة رَضِيَ الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا يُلْدَغ المؤمنُ من جُحْرٍ مرتين))؛ رواه الشيخان
المفردات:
اللدغ: كاللسْع وزنًا ومعنًى، ويُستعملان في ذوات السموم على سواء، بخلاف اللدغ، فإنه الخفيف من إحراق النار، وقيل: اللسْع لذوات الإِبَر، كالعقارب، واللدغ لذوات الفم، كالحيَّات.
والجُحْر: هو الثَّقب الذي تحتفره الهوام والسباع لأنفسها.
هذا حديثٌ من جوامع كلمه، وروائع حِكمه، صلوات الله وسلامه عليه، ضربه مثلًا للمؤمن وما ينبغي أن يتكمَّل به من كياسةٍ وسياسةٍ، ويقظة وحزمٍ؛ فإنَّ نقصًا في دين المرء وعقله يكون أبْلَهَ مُغفَّلًا، خَدْعةً للخادعين، وطُعْمَةً للطامعين.
أبو عَزَّة الجُمحي:
وموردُ هذا المثل أبو عَزَّة الجُمَحي الشَّاعر، وكان يهجو النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ويؤذي الله ورسوله، وذلك أنه أُسر في غزوة بدر فيمن أُسر من المشركين، فَضَرع إلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أن يعتقه دون فداء، وقال: يا محمد، إني فقير وذو حاجة قد عرفتها، فامنُن عليَّ لفقري وبناتي، فرقَّ الرسول وأطلقَه، بعد أن أخذ عليه الميثاق ألَّا يُظاهر عليه عدوا.
فلمَّا عاد إلى مكة أبى له لُؤْمُه وسُوءُ طويَّته إلا أن ينال من المسلمين بِشِعْرِه، وأن يطيعَ المشركين في الخروج إلى موقعة أُحد، واستنفار الأعداء لمحاربة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
ويشاء الله تعالى أن يقع أبو عزة الجمحي أسيرًا في غزوة حمراء الأسد، وهي التي استجاب المؤمنون فيها لله والرسول من بعدما أصابهم القرح، فعاد سيرته الأولى، يَضْرع ويشكو، ويقول للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: امنُن عليَّ لفقري وبناتي، وأعاهدك ألَّا أعود لمثل ما فعلت.
فأجابه سيِّدُ الحكماء صَلَوات الله وسلامه عليه إجابته الخالدة: ((لا والله، لا تَمْسَح عَارضَيْك بمكة، وتقول: خدعت محمدًا مرَّتين، لا يُلدغ المؤمن من جُحْر مرتين، اضرب عنقه يا زيد)).
وقد كان صلواتُ الله وسلامه عليه في الأولى مَضْرِبَ المثل حِلْمًا وَرِفقًا ورحمةً، كما كان في الثانية مَضْرِبَ المثل كذلك سياسةً وحكمة. وإذا كان من الإيمان والحكمة، بل من هدي النبوَّة والرسالة، أن يوضع كلُّ شيء في موضعه، فلا غَرابة أن يمتدحَ الله جلَّ ثناؤه عباده المؤمنين بأنهم ينتقمون ولا يعتدون، فيقول سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ ﴾ [الشورى: 39]. على حين أنه يحضُّهم على العفو في غير آية، ويقول لنبيِّه صلوات الله وسلامه عليه: ﴿ قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الجاثية ] .
ومن جوامع الكلم سر الحكمة النبوية تقييد الجُحْر بواحد ، وما أجمل تقييد الجُحْر "بواحد"، حتى لا تكون نقصًا في إيمان المؤمن، ولا ثُلْمًا في فِطنته وكياسته، أن يُلدغَ من جُحْرٍ آخر ليس من نوع الأول ولا من قبيله.

الموضوع الأصلي: لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين_ المستشار الادبب_ حسين علي الهنداوي || الكاتب: حسين علي الهنداوي || المصدر: مؤسسة صدانا مسجلة في الهيئة الدولية لحماية الايداع الفكري

الله .. شكرا لك على هذا الجمال

على المؤمن ألا يلدغ من نفس الجحر مرتين .. لأن ده ح يعتبر غباء وليس طيبة

ولكن لو لدغ من جحر آخر فهذا طيبة وأنه يعطي الأمان دوما

شكرا لك