سِـــرّي للغــاية ...

كيف تموت في كلمات

2/8/2018

أحيانا، يكون فعل الكتابة شكلا من أشكال التّضامن مع الذات السّليبَة. ثوْرة تنتشر هُتافاتها في هشيم الأفكارِ المتضاربةِ تَضارُبَ المـُطالبين بحقّ استعادة ما "لم يكن".

تتدفّق الأفكار عبر دهاليزها الجبريّة. في الطريق ، تُصنع ألف حكاية ، وموتٌ وحيدٌ ، وشاهِدَةُ قبرٍ كُتب عليها مُلخَّص القضية :"وُلد ... مات ." و بين البَيْنَين لهفةُ الريح و تردّد المطر، نزق الشّوق و حِكمة الانتظار، سُمرة الخوف و انْبِلاج الأمل.

يُرفع القلم عمّا شَجَرِ بين الحبر والوَرَق، فــكُل شيء مباح بأوّل جلسة، وكل الكلمات مُدانة حتى تُثبِت براءتَها. يُشهر الغضب شعاراته الحمراء، حتى إذا الْــتهبَ ظَهْــرُ الأسفار وصار بين العين والأشياء زجاجٌ من ماء ، بَدَأتِ الخطوات انتظامها على مَرْقَصِ الكتابة ، ترتمي في عِشقٍ على كتِف اللحظة وتصنع من موسيقى الوحي نوتاتٍ لا يستلذّها إلا من كان من ثُـــمَّــلِ الكلمات.

تلك هي طقوس الولادة ... توحّــدٌ مع الغائبِ عنك الحاضرِ فيك، لهفةُ المخاض، تسارُع الشفتين على جبين النبض وهُو يبارك وحدتكَ الـــمُشتهاة.

يتشكّل المولود بين الهوامش، تموت العبارات الخرساء، تختفي أخرى تحت الرماد، و تغرق ثالثة في غيابات النسيان . "لا بقاء إلا لِلْأصْدق"، ذاك منطق الكتابة في كل قواميس الاعتراف، و تلك جرعتي حين أقرر الموت هنا كي أولد هناك...

فيصير فعل الكتابة شكلا من أشكال الموت بلاهوادة، يموت فينا شيء من الغضب و الكثير الكثير من العبارات المحتقنة في شرايين الحلق... ثم نولد ... ثم تبدأ رحلة موت جديد نسْتعذِبُ سَكَراته، نتقلّب في موجه الهادر علّه يأخذنا إلى أعماقه الغامضة نستقي منها زادا لعُروجنا القادم.

ألف ألف شكر لك أستاذ نجيب بن شريفة

احتجتُ أن أجلس وحدي،و أبكي وحدي،و ألوم نفسي وحدي .احتجتُ أن أعرف أين أخطأتُ، ومتى فقدتُ السيطرة.
جلستُ وبكيت وعاتبت واكتشفت أنني امرأة من سراب،لا دورَ لي في حياة بنيتها من دمي كي ينعم بها الآخرون ثم يُلقوا بوجهي تعويذة الموتُ:"لم تُعطِ شيئا"...
كم أنتم صادقون في نكرانكم . فماذا أعطيت غير كل ما وهبني إياه القَدير، وتلك "الآه" الغبية التي كنت أكتمها كي لا تُؤذي آلامكم المــُـــبتَذلة؟ ماذا أعطيت غير عمري الرخيص في أعينكم ... الغالية

على النّحر تستوي
.
.
.

تلك الهمسةُ القادمةُ من أرض الغياب

أحيانا ، أكتب أشياء لا تشبهني

لكنها حتما تحمل جيناتي الوراثية

نصف ساعة على قيد الحياة

أسرقها من جوفِ الزّمن لُقمةً حاميةً تلسع شفَتَيّ.

كل شيء يحترق : أقدامنا الملتهبة و هي تلتهم الإسفلت ، دقات قلبينا، ودموعي المؤجلات إلى ما بعد الفراق. كل شيء يُلغى سوى رائحتك العالقة في عينيّ، ترسم داخلي خط العبور، تعقد قران المتاهات بماء الحياة، على صفحات الخُدود. تُغربل كل المتناقضات داخلي كي تصطفي عليك.

لا شيء سواك، لا تفاصيل، فأنت التفاصيل، لا شموعَ تُنير طاولة العشاء، فلا وقت للتفاهات و أنا على قيد الحياة. لا وقت أستعيد فيه أحمر شفاهي، و كُحل عينيّ، وشريط الأمنيات، لا وقت إلا لِمُزنك تسقي شفتيّ، وصدري يستمطر ذراعيك، وشعري الثائر تحت القيود. نصف ساعة بين وطنين، ومقعدين، وألف ألف شكل من أشكال الحياة. حَليفُنا القمر الغائب هذا المساء كي لا تشاركني فيكَ النجوم، وتستأثر أنت بمُقلتيّ

قلبي الذي نبضَ بك فجرًا
أتى عليه الضّحى و هو في عداد الموتى

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نرجس ريشة

كيف تموت في كلمات

2/8/2018

أحيانا، يكون فعل الكتابة شكلا من أشكال التّضامن مع الذات السّليبَة. ثوْرة تنتشر هُتافاتها في هشيم الأفكارِ المتضاربةِ تَضارُبَ المـُطالبين بحقّ استعادة ما "لم يكن".

تتدفّق الأفكار عبر دهاليزها الجبريّة. في الطريق ، تُصنع ألف حكاية ، وموتٌ وحيدٌ ، وشاهِدَةُ قبرٍ كُتب عليها مُلخَّص القضية :"وُلد ... مات ." و بين البَيْنَين لهفةُ الريح و تردّد المطر، نزق الشّوق و حِكمة الانتظار، سُمرة الخوف و انْبِلاج الأمل.

يُرفع القلم عمّا شَجَرِ بين الحبر والوَرَق، فــكُل شيء مباح بأوّل جلسة، وكل الكلمات مُدانة حتى تُثبِت براءتَها. يُشهر الغضب شعاراته الحمراء، حتى إذا الْــتهبَ ظَهْــرُ الأسفار وصار بين العين والأشياء زجاجٌ من ماء ، بَدَأتِ الخطوات انتظامها على مَرْقَصِ الكتابة ، ترتمي في عِشقٍ على كتِف اللحظة وتصنع من موسيقى الوحي نوتاتٍ لا يستلذّها إلا من كان من ثُـــمَّــلِ الكلمات.

تلك هي طقوس الولادة ... توحّــدٌ مع الغائبِ عنك الحاضرِ فيك، لهفةُ المخاض، تسارُع الشفتين على جبين النبض وهُو يبارك وحدتكَ الـــمُشتهاة.

يتشكّل المولود بين الهوامش، تموت العبارات الخرساء، تختفي أخرى تحت الرماد، و تغرق ثالثة في غيابات النسيان . "لا بقاء إلا لِلْأصْدق"، ذاك منطق الكتابة في كل قواميس الاعتراف، و تلك جرعتي حين أقرر الموت هنا كي أولد هناك...

فيصير فعل الكتابة شكلا من أشكال الموت بلاهوادة، يموت فينا شيء من الغضب و الكثير الكثير من العبارات المحتقنة في شرايين الحلق... ثم نولد ... ثم تبدأ رحلة موت جديد نسْتعذِبُ سَكَراته، نتقلّب في موجه الهادر علّه يأخذنا إلى أعماقه الغامضة نستقي منها زادا لعُروجنا القادم.

...................................
أستاذة نرجس ريشة

لله درك من قلم صقيل ..رشيق

سكبْت نضار التأملات والمشاعر في حروف من ذهب ؛ فكان الميتانص مرآة لتمرئي وليدٍ جميل الطّلعة بهي الحروف رشيق الاستعارات ..اسمه النص الأدبي الإبداعي، مفكَّرا فيه، وبه ،ومن أجله.

فما أصعب وصف مخاض الكتابة بالتعريفات المنطقية والنقدية..وقد وصفت الإبداع وما يحيط به من مخاض ومعاناة مع اللغة، بالنص النظير ،أي بنص إبداعي من جنسه وصفته.

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد القطيب

...................................
أستاذة نرجس ريشة

لله درك من قلم صقيل ..رشيق

سكبْت نضار التأملات والمشاعر في حروف من ذهب ؛ فكان الميتانص مرآة لتمرئي وليدٍ جميل الطّلعة بهي الحروف رشيق الاستعارات ..اسمه النص الأدبي الإبداعي، مفكَّرا فيه، وبه ،ومن أجله.

فما أصعب وصف مخاض الكتابة بالتعريفات المنطقية والنقدية..وقد وصفت الإبداع وما يحيط به من مخاض ومعاناة مع اللغة، بالنص النظير ،أي بنص إبداعي من جنسه وصفته.

أستاذي أحمد القطيب


ما عساي أقول وكيف أشكرك على عباراتك التي شرّفت كلماتي المتواضعة وجعلتني سعيدة بها و بوجودي بين كبار كأنت
شاكرة جدا لحضورك المشجع أخي الكريم

لك مني فائق التقدير و الاحترام

لا تُحدّثني وأنت على شفا حفرة من وهم ،
طعمك أجمل حين تكون على قيد الحياة.